الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الأمين، أما بعد:
ها أنا أقعد على أطلال الملتقى، خيمةً هنا وشبَّةً هناك، أحاول استنطاق القرية والديوان، فينقلب إليّ صدى ندائي، منكسر الطرف، مذهول الخاطر، يلتمس طريقًا إلى الحبَّ، وروح الحياة، يومان كانا من أسباب وصل القلب بالقلب، وامتزاج النفس بالنفس، وتجاذب الشعور مع الشعور، أدركنا جميعًا أنَّ سرًا بيننا يربطنا دون الناس، لم أكن أعرف على وجه اليقين شعورًا يضاهي هذا الشعور، فلله درُّها من أيامٍ، ولله درُّها من مشاعر، فها قد أصبحتُ على غير ما أمسيت، ففراغٌ قد امتلأ، وضيقٌ قد بدأ، لا أُبصر في عيني إلّا جموعكم في ديوانكم، ولا أسمع في أذني إلا ضحكاتكم وطيب لسانكم، لا أُغالي في وصف حالي ومآلي رغبةً في بيان ضعفٍ وانكسار، غير أنَّه تسجيلُ مرارةِ الفقد لأحبّاءَ أوفياء، فلدي يقينٌ لا يخالجه شك بأنَّ شوقكم للملتقى القادم قد بدأَ، ولوعات الفراق قد أقرّت مضاجعكم، فاللهم أعد علينا لقائنا في حبٍ ووفاء، واعمره بطيب العمل والسخاء.